القائمة الرئيسية

الصفحات

قصر تافيلالت المدينة البيئية النموذجية في الجزائر

 

قصر تافيلالت.. المدينة البيئية النموذجية في الجزائر

    تعد السياحة من أكثر القطاعات نموا عبر العالم لما لها من آثار إيجابية على مختلف الجوانب الإجتماعية، الإقتصادية والثقافية، وكون  الجزائر من بين الدول التي تمتلك مقومات طبيعية وبيئية بإمتياز تلية كانت أم صحراوية، وهذا لشساعة مساحتها وتنوع مناخاتها ومجتمعاتها المحلية، ومن أبرز أنواع السياحة الجديرة بالإهتمام في الجزائر نجد السياحة الصحراوية  التي أصبحت خيارا إقتصاديا وإجتماعيا مهما، وذلك لتميزها عن باقي الأنواع الأخرى من السياحة من حيث التنوع الطبيعي والبيئي وإعتبارها كنموذج تنموي بديل يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة.

  تعرف غرداية بعمرانها وقصورها المتعددة منها قصرغرداية، بنورة، القرارة، بريان وتاجنينت (العطف حاليا)، ومليكة، بني يزقن، هذا الأخير واحد من القصور الخمسة بغرداية التي صنفتها منظمة اليونيسكو ضمن التراث العالمي. 

يقع قصر تافيلالت  التابع لقصر "بني يزقن" على قمة صخرية في منطقة مزاب بمدينة غرداية شمال الصحراء الجزائرية، وهو أول مدينة بيئية مبنية في الجزائر تحتوي على حوالي ألف منزل، منازلها متلاصقة بإرتفاع واحد، بطراز معماري متوارث منذ قرون .

 يعد هذا القصر تجربة إنسانية نموذجية فريدة من نوعها في إفريقيا، حيث جمع بين الهندسة المعمارية الأصيلة والتنمية  المستدامة والمحافظة على البيئة، وهو أول مدينة صديقة للبيئة في الجزائر، إذ حرص مؤسسو المشروع على  إستنساخ حياة الأجداد وشيدوا البناء وفق الطراز المعماري المتوارث في المجتمع المزابي (الأمازيغي) ، حيث تظهر المدينة كأنها موروث تاريخي قديم يعبق برائحة الأصالة، مع الحفاظ على البيئة الهشة في المنطقة التي تشتهر بواحات النخيل.

قصر تافيلالت ببني يزقن ولاية غرداية



ظهرت
فكرة تشييد هذه المدينة في 1997  من طرف أحمد نوح  صاحب المشروع بمشاركة مهندسين وخبراء ميزابيين،  كبديل عن الإسمنت المسلح الذي شوه واحة بني يزقن، فأنشأ أميدول التي تؤدي دور المسثمر العقاري ومانح القروض دون فوائد وهو ماسمح للمتلكين دفع ثمن وحداتهم السكنية بالتقسيط لسنوات، وإشترت المؤسسة 22 هكتارا من أرض صخرية تقع على بعد 600 كم جنوب العاصمة الجزائر بثمن بخس، رغم أنها تطل على واحد من أقدم القصورفي المنطقة وهو "قصر بني يزقن"


 

وساهم أعيان من بني ميزاب بأموالهم الخاصة، وقدمت الدولة إعانات كما شارك السكان الأوائل في أشغال البناء من خلال تقليد مشهور في الصحراء الجزائرية يدعى "التويزة"وهو المشاركة الجماعية في العمل في التطوعي.

 

 وتم إنجازها  وفق هندسة معمارية تقليدية باستخدام الحجر والجبس والجير، عوضاً عن مادة الإسمنت التي شوهت واحة آت ازجن  التي يعود تشييدها إلى  1000 سنة، وتم إختيار هذه المواد كونها توفر عزلاً جيداً من الحر والضجيج الخارجي زيادة على ثمنها المنخفض.

 يضم القصر في الوقت الراهن ألف و خمسون منزلا بارتفاع واحد، ولا تزيد عن طابق أرضي وآخر علوي، وجميعها مشيدة بطريقة الهندسة المعمارية المحلية مع اضفاء  وسائل الراحة العصرية عليها. بينما تم طلاء البيوت بألوان طبيعية، وهي تدرجات الأصفر والبني و الابيض المناسبة لدرجات الحرارة العالية، وصممت النوافذ من الخشب المشبك للحفاظ على خصوصية المنازل وتوفير تهوية طبيعية، إذ يصل الفرق بين درجة الحرارة  الداخلية والخارجية صيفا إلى 5 درجات.

قصر تافيلالت ببني يزقن ولاية غرداية 

وحاز القصر عدة جوائز عالمية و محلية من بينها  جائزة المسابقة الدولية  الموسومة "الأحياء النموذجية المستدامة" التي نظمت بمراكش المغربية ، و رصدت نتائج المسابقة بناء على تصويت لمتصفحي الإنترنت، كما حاز أيضا المرتبة الثانية في "الجائزة الكبرى للحي المستدام  النموذجي"، واعتبرته لجنه التحكيم العالمية نموذجاً يحتذى به.

وفازت مؤسسة "أميدول" ببني يزقن (غرداية) بجائزة ''إنرجي غلوب الدولية 2020'' التي تعد واحدة من الجوائز المرموقة عالميا في مجال البيئة والإستدامة التي تمنحها سنويا مؤسسة "إنرجي غلوب" النمساوية لإنجاز قصر يتوفر على مناخ حيوي فريد وهو قصر "تافيلالت".

منحت الجائزة لرئيس مؤسسة "أميدول" والمبادر بهذا المشروع السيد أحمد نوح بحضور المستشار التجاري لسفير جمهورية النمسا بالجزائر السيد فرانز باشلايتنر وأعضاء مؤسسة "أميدول" وأعيان ومنتخبين محليين من المنطقة.

و يرى أحمد نوح صاحب مشروع القصر "هنا يتعايش العصري مع الموروث من أجل الحصول على مدينة بيئية صالحة للحياة".

أما بالنسبة للحياة اليومية داخل القصر فلها طابعها الخاص والمميز حيث "تحكم المنطقة قوانين وقواعد تخص كل مناحي الحياة من حسن الجوار إلى حفلات الزواج، فالحياة منظمة وفق ميثاق يوقعه كل السكان"، والمدينة ربما هي الوحيدة في العالم التي لا تحتاج إلى شرطة ومجلس قضاء لأن كل شيء فيها منظم ومبني على إتفاق الجميع.

أزقة القصر من الداخل 


 وللحفاظ على البيئة يقوم سكان القصر بفرز نفاياتهم. وتقديم بعض الفضلات البيولوجية للحيوانات التي يربونها داخل حديقة القصر والتي تضم القردة والماعز والخرفان

من جهة أخرى يلتزم سكان الحي بالحفاظ على نظافة القصر وتتكفل كل أسرة بنظافة الحي الذي تقطن فيه لمدة أسبوع، كما يشارك السكان في صيانة المساحات الخضراء وفي كل الأعمال التي تخص المدينة .


قصر تافيلالت مكان إيكولوجي مستغل طبيعيا  يقصده السياح من داخل وخارج الوطن، هذا ويبقى القصر تجربة إنسانية نموذجية فريدة من نوعها في إفريقيا عامة والجزائر خاصة، لتشجيع المبادرين بمشاريع مماثلة تهدف إلى مكافحة المشاكل البيئية وإيجاد حلول ناجعة لحماية الموارد الأحفورية واستعمال الطاقات المتجددة.


مصادر المعلومات: 

وكالة الأنباء الجزائرية

الإذاعة الجزائرية

الجمعية الوطنية لتنمية السياحة القصورية والواحات
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع