القائمة الرئيسية

الصفحات

الجرائم النووية الفرنسية في صحراء الجزائر 1960/1966

 

الجرائم النووية الفرنسية في صحراء الجزائر 1960/1966

      الحرب أسوأ ما يمكن أن تعرفه البشرية تترك جراحا غائرة عميقة  وأعمق منها ما تتركه في الأنفس والأذهان، تمر السنوات تباعا تعقبها القرون وآلام حقبة الإستعمار بدمائها  وعنفها ولا إنسانيتها تتوارثها  الأجيال، جيلا بعد جيل كما هو حال الجزائر في الذكرى 64 لأولى التجارب النووية الفرنسية على الأراضي الجزائرية في منطقة رقان بأدرار، الجرح لم يندمل بعد.

    لا يزال ملف التجارب النووية الفرنسية يمثل أحد أبرز خلافات الذاكرة بين الجزائر وباريس، وسط مطالب متكررة من أوساط حقوقية وسياسية وشعبية جزائرية باسترجاع الأرشيف المتعلق بالتجارب النووية  لتقييم وتعويض حقوق هذه الجريمة الشنعاء التي إرتكبتها ضد الإنسانية والبيئة .


صورة أرشيف  لأحد التفجيرات النووية في منطقة رقان  بالجزائر 

    في  صباح يوم 13 فبراير 1961، على الساعة 07:04 صباحا إستفاق سكان رقان وضواحيها على وقع إنفجار مرعب، حينها قام الإستعمار الفرنسي بتنفيذ أول  تجربة نووية لمدة أربعة أيام في منطقة رَقَّان بولاية أدرار في الصحراء الجزائرية، حيث فجرت قنبلة بلوتونيوم بقوة 70 كيلو طن، أي أقوى بثلاث إلى أربع مرات من قنبلة هيروشيما، وقد استخدم في هذا التفجير عنصرا البلوتونيوم و اليورانيوم اللذان ثبت علميا استمرار إشعاعهما لآلاف وملايير السنين، حيث تجاوز أثر التلوث الاشعاعي المنطقة ليبلغ مداه جنوب إفريقيا و حوض المتوسط. هذه العملية أطلق عليها اسم "الأزرق غيربواز" أو "اليربوع الأزرق" إستخدمت فيها حتى البشر، حيث تم تثبيت أزيد من 150 سجين جزائري في أوتاد خشبية كفئران تجارب في مواقع التفجيرات النووية لمعرفة الآثار النووية على أجسامهم، حسب شهادات محلية وأوروبية تعود لتلك الحقبة، في أعمال ترقى إلى مصاف الجرائم ضد الإنسانية والبيىة، برأي العديد من الخبراء والباحثين: "لا تسقط بالتقادم".

    هذه العملية تلتها تجارب نووية كبيرة، سطحية وباطنية، منها "اليربوع الأبيض" 01 أفريل 1960 ، ثم "اليربوع الأحمر" 27 ديسمبر 1960 حسب ترتيب الألوان الثلاثة للعلم الفرنسي. وفي الأخير اختتمت فرنسا جرائمها  السطحية بالقنبلة الرابعة والأخيرة التي سميت بـ"اليربوع الأخضر" 25 ديسمبر 1961 . بلغ عدد الجرائم النووية الفرنسية في الجزائر 57 تجربة نووية نفذتها فرنسا في ثلاث مناطق بجنوب الصحراء الجزائرية، منها 04 تجارب سطحية برقان و13 تجربة في أنفاق باطنية بمنطقة عين إيكر  و35 تجربة على مستوى الآبار و05 تجارب أخرى اُستعملت فيها مواد فتاكة محظورة دوليا، إعترفت فرنسا ب  17 منها فقط .

حصيلة الجرائم النووية

       يقول عارفون بالملف :" أن فرنسا لم تكتف بترك نفاياتها فحسب، بل أضفت طابع "الأسرار العسكرية" على كافة الوثائق التي قد تكون لها صلة بهذه البرامج. وبالتالي فإن كمية النفايات تظل "مجهولة"، لاسيما الناتجة عن الحوادث النووية". و حسب الدراسات، خلف الإشعاع النووي للقنبلة النووية 42 ألف مصاب والعدد في تزايد مستمر، حيث أكد مختصين في الفيزياء النووية، عن وجود صلة بين حالات الإجهاض والتشوهات والسرطانات المختلفة خاصة سرطان الغدة الدرقية، الرئتين، حالات ارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض النادرة التي لوحظت في المنطقة والتجارب النووية التي أجراها الجيش الفرنسي بين العامي 1960 و1966.

   ودقت جمعية "الغيث القادم" لمساعدة المرضى في ولاية أدرار ناقوس الخطر للتزايد المقلق في حالات الإصابة بمختلف أنواع السرطان والتشوهات الخلقية للمواليد الجدد والعقم خلال السنوات الأخيرة على مستوى المنطقة، وهذا بسبب أخطار الإشعاعات النووية التي لازالت قائمة إلى يومنا هذا وستبقى كذلك لآلاف وملايير السنين حسب الخبراء حيث قدرت آثارها ب أزيد من 04 ملايير سنة.

     بعد مرور أكثر من ستين سنة على هذه التفجيرات، لازالت  فرنسا تتهرب من تحمل مسؤولياتها التاريخية،  وتصر على إخفاء الخرائط التي من شأنها كشف أماكن مخلفاتها النووية، باعتبارها حقا من حقوق الدولة الجزائرية إلى جانب المماطلة في مناقشة قضية التعويضات التي تخص المتضررين الجزائريين.

هذا ويبقى ملف التجارب النووية الفرنسية على الأراضي الجزائرية  أحد أبرز خلافات الذاكرة بين الجزائر وباريس.

أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع