القائمة الرئيسية

الصفحات

تيميمون لؤلؤة الصحراء الجزائرية

 تيميمون لؤلؤة الصحراء الجزائرية

     تعد السياحة من أكثر القطاعات نموا عبر العالم لما لها من آثار إيجابية على مختلف الجوانب الإجتماعية، الإقتصادية والثقافية، وكون  الجزائر من بين الدول التي تمتلك مقومات طبيعية وبيئية بإمتياز تلية كانت أم صحراوية، وهذا لشساعة مساحتها وتنوع مناخاتها ومجتمعاتها المحلية، ومن أبرز أنواع السياحة الجديرة بالإهتمام في الجزائر نجد السياحة الصحراوية  التي أصبحت خيارا إقتصاديا وإجتماعيا مهما، وذلك لتميزها عن باقي الأنواع الأخرى من السياحة من حيث التنوع الطبيعي والبيئي وإعتبارها كنموذج تنموي بديل يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة.

     تيميمون ولاية منتدبة 220 كم شمال ولاية أدرار، تلقب بعروس الصحراء أو الواحة الحمراء. هي واحدة من أبرز المناطق السياحية في الصحراء الجزائرية، حيث تعتبر لوحة فنية تشكيلية مفتوحة على الطبيعة الصحراوية الشاسعة، مزجت بين واحات النخيل، القصور التاريخية والكثبان الرملية، يقصدها السياح من داخل وخارج الوطن، كما تعرف حركة نشيطة خلال الموسم السياحي االصحراوي .

الواحة الحمراء 

تيميمون..مدينة سيدي ميمون

     تقول الرواية: "إن تيميمون قبل أن تبنى كمدينة قائمة بذاتها، كانت عبارة عن منطقة شاسعة تسكنها مجموعة من القبائل المتفرقة هنا وهناك، في قصور قديمة إلى أن جاء الشيخ سيدي موسى أحد كبار الأعيان، وقال إنه من الضروري جمع هذه القبائل لإضفاء طابع المدينة على المنطقة، ففكر مليا لتكون فكرة إنشاء سوق تستقطب سكان المنطقة المتباعدين، وبنى الشيخ أول سوق في الجنوب سمي على إسمه " سوق سيدي موسى"، لم به شمل كل القبائل المتفرقة التي نزلت على المنطقة، فبنيت البيوت وعمرت المدينة".

أما عن أصل التسمية تيميمون فقال المؤرخون إن هناك رواية يتناقلها سكان تيميون عن أبائهم " إن شخصا يدعى ميمون كان أول الوافدين إلى المنطقة فسميت المدينة باسمه، وكان السكان يقولون "تين ميمون" أين نسبو المدينة على ميمون ( مثلما يقال بالعامية تاع ميمون)، وبعدها حذفوا حرف النون "ن" وأصبحت الواحة تعرف بإسم "تيميمون"، ويعتبر إسما "ميمون" و"المأمون" من أكثر الأسماء تكرارا على أبناء المنطقة.


تيميمون ..قصور وقصبات تعود للقرن 12 ميلادي

     تتميز تيميمون بالقصور التي يزيد عددها عن 30 قصرا، والقصر عند التيميمونيين يقصد به التجمعات السكانية المبنية بالطوب الأحمر المحلي وهو أول ما يلفت نظر الزائر لها، تحيط به حقول وبساتين وواحات نخيل، لأن سكان المنطقة يعتمدون في نمط عيشهم على الزراعة التقليدية التي تسقى بآبار متصلة ببعضها البعض، تعرف محليا بإسم " الفقارة".

إضافة إلى قصباتها العتيقة، والقصبة هي تجمع سكاني قديم يبنى غالبا على قمة جبلية وتكون أسفله مغارة، وكانت تستعمل قديما للإختباء أثناء الحروب والغزوات، أو للقيلولة صيفا هروبا من الحر كون مناخها حار في الصيف دافئ في الشتاء،  وتضم القصبة أربعة أبراج للمراقبة، إذ يمكن التموقع فوق رأس الجبل لرؤية العدو لمسافة بعيدة، ومن بين القصور القديمة جدا  المعروفة في المنطقة، والتي رجح تاريخها إلى ما قبل القرن 12 ميلادي، نجد "قصرإغزر" الذي يبعد عن مدينة تيميمون ب 20 كم إذ يحتوي على مغارة كبيرة جدا باردة صيفا ودافئة شتاء. قصر أغلاد الواقع على بعد 25 كم شمال المدينة الذي إستفاد من مشروع ترميم موله برنامج الأمم المتحدة للتنمية ضمن برنامج ضخم أطلق عليه "طريق القصور".أما المنطقة الأثرية أولاد سعيد فقد صنفت ضمن المناطق الرطبة في العالم، إضافة إلى قصور ماسين، بني مهلال، زقور، بدريان وغيرها من المعالم السياحية الأخرى.

جمال وقصور


تيميمون متعة للزائرين

    يزور تيميمون خلال الموسم الشتوي من كل سنة أزيد من 5000 سائح أجنبي أغلبهم من أوروبا، وأكثر من 30000 سائح من مختلف ولايات الوطن، هذا العدد سيتقلص خلال هذا الموسم نظرا للجائحة التي تعصف بالعالم عامة والجزائر خاصة. الباحثون عن المتعة الصحرواية في الواحة الحمراء من داخل وخارج الوطن عادة ما يقصدون واحات النخيل والقصر القديم بمحلاته التي تبيع منتوجات محلية تقليدية من حلي، أقمشة وألبسة، أواني فخارية، حقائب جلدية، ثم يتوجهون إلى مختلف الوجهات كل حسب ميولاته لإكتشاف سحر عروس الصحراء، حيث تنظم رحلات رباعية الدفع تجوب الصحاري الشاسعة، رحلات بالجمال  وسط الكثبان الرملية، رحلات المشي على الأقدام وهو ما يفضله بعض السياح  حيث يقومون بنصب الخيم في الخلاء، ويتهافتون على إلتقاط الصور والفيديوهات وخاصة  أثناء مغيب  الشمس " لوحة ربانية أبدع خالق الكون في رسمها " وهي تختفي تدريجيا بين الكثبان حتى تلتقي مع الأرض.

مناظر طبيعية 



مرافق لإستقطاب السياح 

    يوجد على مستوى الولاية مطار ينظم رحلات خارجية نحو أوروبا وداخلية نحو العاصمة ووهران، إضافة إلى 15مؤسسة فندقية بطاقة إستيعاب تفوق 875 سرير وهي قدرات تبقى غير كافية لكن منازل تيميمون ترحب بضيوفها من داخل وخارج الوطن، على غرار فندق قورارة و سمي بهذا الإسم نسبة لإقليم تيميمون الذي ينتمي سكانه إلى العرق الأمازيغي  ويعرف محليا بالمجتمع الزناتي نسبة إلى لغة السكان الزناتية، فندق ماسين وغيرهم. ومن بين المرافق كذلك نجد مخيمات تقليدية وفضاءات للراحة ، أهمها جنان الملك ومخيم تيطاوين وإستراحة إبراهيم السلخ، أخام، معمورة بأولاد سعيد، محطة سعيد ترس للسياحة، ودار الكاف وغيرها من المرافق التي تشهد إقبالا للزوار.

فندق قورارة 

  تيميمون .. جلسات شاي وتظاهرات ثقافية

     شاي تيميمون نال شهرة واسعة وسط الجزائريين، فالزائر للواحة الحمراء سيتذوق شايها المتميز سواء في السهرات أو الخرجات، حيث يتم تحضيره على ثلاثة مراحل، الأول يطلق عليه "الشاي القاطع"  يتميز بمذاق قوي جدا الملائم مباشرة بعد الأكل، والثاني مذاقه معتدل،أما الثالث خفيف يغلب عليه طعم النعناع.

جلسات ..شاي تيميمون 


تظاهرة "أهليل" الذي تسهر على تنظيمها وزارة الثقافة للحفاظ على هذا التراث العريق المصنف ضمن روائع التراث العالمي اللامادي من طرف منظمة اليونيسكو منذ سنة 2005، من خلال ضرب موعد وطني سنوي بعاصمة إقليم قورارة  لهذا الموروث العريق، ومن أهم الجمعيات التي تهتم بتدريس الأهليل نجد جمعية  "تيفاوتزيري" للمحافظة على  هذا التراث التيميموني. ويتمز أهل قورارة التاريخية بأهازيجهم الشعبية وفلكلورهم الذي يحيون به سهراتهم  على وقع "أهليل" ذي الأصول الزناتية الشائع بالمنطقة، "الطبل" العربي و"القرقابو" السوداني الأصول، حيث يشكلون دائرة ويرددون أشعارا تتضمن بعضها المديح النبوي.

أهازيج تيميمون

تيميمون ..مشاريع تنموية لدعم السياحة

   الإقبال الكبير للسياح على عروس الصحراء الجزائرية دفع السلطات للإلتفاتة إلى هذا القطاع الهام  من خلال تخصيص مجموعة من المشاريع التنموية التي تعود بالفائدة على تيميمون، ومن بينها إنجاز قرية سياحية بكل من تيميمون وتينركوك  70 كم شمال المدينة وفق المواصفات البيئية العالمية، تظم تجمعات سكنية على الطريقة التقليدية حفاظا على الطابع المعماري المعروف في المنطقة، لكنها لاقت العديد من إنتقادات سكان المنطقة كونها بعيدة عن الواحات.

 يطول الحديث ولا ينتهي عن الواحة الحمراء، رغم أن هذا الموسم السياحي ليس كباقي المواسم السابقة كونه تزامن مع الجائحة العالمية ما يؤثر على الإقبال الكبير للزوار، ويناشد سكان تيميون السلطات المركزية والعليا للبلاد نفض الغبار على هذه المدينة التارخية العريقة، وخلق العديد من المشاريع التنموية الداعمة للقطاع السياحي في الولاية.

هذا وتبقى السياحة في الجزائر بصفة عامة بحاجة ماسة إلى تفعيلها والاهتمام الكافي بها من طرف السلطات المحلية والعليا للبلاد، وتجنيد كل الموارد المادية والبشرية اللازمة للنهوض بهذا القطاع الفعال، كوننا في عصر خلق الثروة، وعليه من الضروري وضع هذا القطاع ضمن الخطط الرامية لدفع عجلة  النمو الإقتصادي ومن ثم تحقيق التنمية الإقتصادية المرجوة خارج قطاع المحروقات.

 عبدالسميع طيار


 

 

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع