القائمة الرئيسية

الصفحات

ظاهرة التسول في الوطن العربي

 

ظاهرة التسول في الوطن العربي

أصبح التسول ظاهرة إجتماعية مزعجة في الوطن العربي. هذه الظاهرة قبيحة ومذلة للمتسولين ومتنافية مع قيم الشريعة الإسلامية. الشيئ الغريب أنه لم يعد يقتصر على الفقراء غير القادرين على العمل وكسب المال، بل أصبح مهنة  القادرين على العمل للإحتيال على الناس، حيث يستعملون أشكالا عديدة لممارسة تسولهم، ويلجأون إلى طرق وحيل كثيرة ويتفننون في إختراعها لإستمالة واستعطاف قلوب الناس، لجمع وأكل أموالهم بالباطل، وعادة ما نجدهم في الأماكن العامة و أمام بيوت الله.

ظاهرة التسول 


التسول مهانة للمسلم

المتسول: إنسان حقر نفسه، وأراق ماء وجهه، واستغنى عن كرامته وحيائه بل حتى مبادئه، وبدأ يمد يديه للناس أعطَوه أو منعوه، وإذا كان هناك إنسان يعجِزُ عن العمل ولا يجد قوتَ يومه، فهذا له عذره في الحاجة إلى الناس، ولكن ما بال هذا القادر على العمل يقبَلُ على نفسه الاحتقارَ والذلَّ والمهانة، ويتكفَّف الناس..؟ 

أساليب التسول

تتشابه وتتنوع الأساليب والتقنيات بين التقليدي والمبتكر في الوطن العربي وبعضها مجرد احتيال. غالبا ما يتمركز ممارسو التسول  في مفترق الطرقات والأماكن العامة وأمام المساجد، رجال ونساء وصغار يمدون أيديهم ويستعطفون الناس بعبارات مختلفة، حسب لهجة المجتمع الذي يتواجدون فيه، ومن بين هذه الأساليب نجد قصص عديدة، مرض، وفاة زوج، دمار بيت والإلحاح هو الطريقة المفضلة والفعالة

-         الخدعة الأقدم والمعروفة في العديد من البلدان العربية هي تنكر الرجال بزي النساء لكون المرأة المتسولة حظوظها أكبر بكثير من حظوظ الرجل، هؤلاء عادة لا يعملون بشكل منفرد بل كجزء من عصابة خطيرة أو يتم تحويلها إلى مهنة عائلية دون حياء.

-         إدعاء المتسول المرض والحاجة إلى الدواء، وطبعا استجداء العاطفة بقصص درامية فإن ادعاء فقدان المحفظة أو تعرض المتسول للسرقة من الأساليب الحديثة، المنتشرة بكثرة اليوم.

-         افتراش الطرقات عند مداخل مراكز التسوق والمساجد من الطرق التقليدية

-         التسول الأسري حيث تصطحب "الأم" المفترضة الأطفال الى المقاهي والمنازل لخداع المحسنين بقصة ما حزينة عن هروبها من إحدى الدول المبتلاة بالحروب ما يضمن لها تعاطفهم معها. 

-         أحدث  وأخطر طريقة للاحتيال هي ادعاء الثراء من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من المال. التقنية بسيطة رجال يقودون سيارات باهضة الثمن برفقة نساء وأطفال يفترض أنهم أسرهم يدعون انقطاع السبل بهم بعد رحلة طويلة من مكان بعيد. ثم يقومون بطلب المساعدة لشراء الوقود أو تغطية نفقات رحلة العودة. وهذا الأسلوب يجدي نفعاً لأن الغالبية  من الناس لا تتوقع أن يقوم ثري ما بالتسول أو الاحتيال.

  -إدعاء المرض بأسلوبه الجديد بات يتضمن الخدع فيقوم المتسول بالكشف عن بطنه لتظهر آثار عملية جراحية لكنها في الواقع قطع من البلاستيك والخيوط الملصقة باحتراف من طرف جهات مختصة في هذا المجال. 

  -  أسلوب جديد معتمد قائم على الاحتيال والترهيب يتم عادة خلال فترة المساء. يرصد الطفل أي شخص يقوم بركن سيارته في شارع مظلم حينها يهرع من دون أن يراه ويقف خلف السيارة مع المحافظة على مسافة تحميه من الأذى لكن فور تحرك السيارة حتى يبدأ بالصراخ متهماً السائق بدهسه. الخطوة التالية تكون بإرغامه على دفع المال أو الطلب منه إيصاله إلى منزله وهناك يستعين بالناضجين الذي يرغمون الضحية على دفع الأموال، ما يجعل صاحب السيارة في ورطة حقيقية.

أسباب التسول

 يمكن أن نوجز أسباب إنتشار ظاهرة التَّسوُّل في الأمور التالية:

-         ضعف الثقة برزق الله تعالى، الذي ضمن الرزق لجميع مخلوقاته.

قال الله تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ "هود: 6".

وقال سبحانه: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ﴾ "الذاريات: 22، 23".

-  انتشار آفة الفقر الشديد في المجتمع.

- انتشـار البطالة التـي يعاني منهـا المجتمع خاصة الشباب.

-الدخل الفردي الضعيف وإنهيار القدرة الشرائية في بعض البلدان العربية.

- غياب التكافـل الإجتماعي بيـن أفـراد المجتمع، وكذلك غياب العدالـة الاجتماعية،.

- بعض الناس يفضِّلون الراحة على العمل، ويعتبرون التَّسوُّل حرفةً مربحة، تجلب عليهم مالًا كثيرًا بسهولة دون عناء.

- كثيرٌ من الناس تغلِبُ عليهم العاطفة، فيجُودون بالمال على المتسوِّلين؛ اعتقادًا منهم أن هذا امتثالٌ لقول الله تعالى : ﴿ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ   "الضحى: 10".

- كثير من الناس لا يسعَوْن لإيجاد فرص عمل حقيقية للمتسولين، للحد من هذه الظاهرة.

 

التسول في بعض البلدان العربية

تتباين الأرقام في البلدان العربية، وتتشابه طرق التسول فالكثير من المتسولين يرون أن هذه الطرق في تحصيل المال تعتبر ميسرة وسهلة عناء ولا تحتاج إلى إعداد أو جهد بدني.


المملكة العربية السعودية 

تنامي ظاهرة التسول رغم كل الإجراءات للحد منه  دفع بالسعودية إلى إتخاذ خطوات جدية لمكافحتها.مثال ذلك:" السجن سنتين وغرامة 30 الف ريال عقوبة لكل من يستخدم طفلاً أو امرأة للتسول مع عقوبة مشددة في حال تم تكرارها" 

الإمارات العربية المتحدة

التسول ظاهرة دخيلة على المتجمع الإماراتي وقد انتشر بشكل كبير مؤخراً ما دفع بالحكومة إلى إطلاق حملات من بينها "كافح التسول".

من بين أبرز عمليات  توقيف المتسولين  في دبي  التي  أظهرت أرقاماً خيالية، متسول تبين أنه يجني مبلغا ضخما  إذ بلغ 73500 شهرياً أي بمعدل 2450 دولار يومياً.


قطر 

 عصابات التسول في قطر وجدت أن إدعاء الإصابة لا يكفي بل عليها أن تبرز الدليل المفبرك. هؤلاء يقومون بإحداث إصابات مصطنعة في أجسادهم باستخدام الأصباغ والسوائل وبعض المواد البلاستيكية وغيرها من الخدع لجعلها تبدو كحروق أو آثار عملية جراحية

لبنان 

عصابات التسول في لبنان قديمة جداً وهم لا يكترثون لا بقانون أو عقوبات. الملاحظ أن معدل التسول في لبنان ارتفع بشكل خيالي.

أطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية في وقت سابق حملة وطنية لزيادة الوعي بمخاطر التسول، ومكافحة استغلال أطفال الشوارع. وتشير الإحصاءات إلى وجود أكثر من 15 ألف طفل متسول في لبنان.

كما ساهم النزوح السوري بتفاقم الكثافة السكانية في لبنان، ويعد أحد الأسباب الرئيسية التي ساهمت في ارتفاع معدلات ظاهرة التسول، حيث لم يجد بعض النازحين فرص عمل فاعتمدوا أسلوب التسول كوسيلة لجلب المال.

الأردن

اعتبر القانون الأردني التسول بغير سبب مشروع جريمة يستحق صاحبها العقاب عليها؛ لأنه أكل لأموال الناس بالباطل، ووسيلة من وسائل التحايل على الناس، وكذلك لا ينبغي تشجيع هؤلاء بالتصدق عليهم، كما ينبغي نصحهم ووعظهم؛ كي لا يأكلوا أموال الناس بالباطل.

 العراق

تشن وزارة الداخلية العراقية  بشكل دوري حملات للقبض على المتسولين، وتشير إلى ضرورة تشريع قانون يتضمن عقوبات رادعة للحد من هذه الظاهرة المزعجة، التي تحولت إلى مهنة تديرها جماعات خارجة عن القانون، مستغلة الأطفال وكبار السن والنساء وذوي العاهات الجسدية لجمع المال غير الشرعي، كما أن  قيادة العمليات ببغداد تنفذ بصفة دورية حملات كبرى لمكافحة ظاهرة التسول في الأحياء.

 مصر 

الخدع المصرية لها نكهة خاصة فهي وبالإضافة إلى الخدع التقليدية تعتمد على تقنيات متطورة جداً. من بين طرائف الظاهرة  تم القبض على خبير في الخدع السينمائية جعل من خبرته مهنة لتزييف إصابة المتسولين. البداية كانت كالمعتاد، القبض على متسول بإصابة مزيفة لكن الاحتراف الكبير جعل الشرطة تبحث عن الرأس المدبر حتى تم القبض عليه

 الجزائر

الجزائر هي الأخرى لم تفلح من هذه الظاهرة المزعجة خاصة بعد نزوح أعداد هائلة من الأفارقة إلى الجزائر و بالأخص من دولة النيجر، توصلت الجهات الأمنية إلى إكتشاف عصابة إجرامية تستغل 38 طفل من النيجر بالجزائر العاصمة، في شبكات التسول، وكل طفل من هؤلاء الأطفال يحوزون على هاتف نقال، يمنحه لهم عصابات بهدف التواصل معهم ومعرفة تحركاتهم، حيث تتولى سيارة أجرة غير مرخصة مهمة توصيل كل طفل للمكان الذي يتسول فيه، وإرجاعه لمكان العصابة في موعد محدد كل يوم.

وبلغت قيمة الأموال التي يجنيها هؤلاء في اليوم الواحد أحيانا  راتب موظف يتقاضى 30 إلى 50 ألف دينار" في الشهر، وشددت جهات رسمية في البلاد على ضرورة توقف المواطنين الجزائريين عن منح الأطفال الأفارقة للأموال، خصوصا وأن الدولة خصصت لهم ميزانية خاصة بمراكز الإيواء.

وأشار خبير أمنى جزائري لـ "سبوتنيك" إلى أن بعض من هؤلاء المهاجرين يشكلون عصابات خطيرة، تتاجر بالأطفال الأفارقة  الذين لا يتعدى سنهم الـ 10 سنوات في عمليات التسول، وتوجه حصيلة الأموال المجموعة من التسول إلى شبكات إجرامية تمتهن حرفة المتاجرة بالبشر، والمخدرات وتهريب الأسلحة ودعم الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي.

المغرب

رقم مخيف يدعو لوقفة تأمل حقيقية، و ذلك أن الرقم الذي أقرته إحصائيات من جهات رسمية وضعت المغرب في صدارة الدول العربية التي تعاني من ظاهرة التسول، حيث أن عدد المتسولين  في المغرب بلغ حوالي 195 ألف متسول، متبوعا بمصر بـ 41 ألف متسول، وتأتي الجزائر في المرتبة الثالثة بمجموع 11 ألف متسولا.

وفي يوم الثلاثاء 4 يونيو 2019 كان موضوع ظاهرة التسول مصدر نقاش مستفيض بمجلس المستشارين، وذلك بحضور بسيمة الحقاوي وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، وركزت مجموعة من المداخلات على ضرورة إيجاد حلول لهذه الظاهرة الاجتماعية المرتبطة بالظروف الاجتماعية والاقتصادية المتردية للعديد من الأفراد والتي تدفعهم للتسول.

وحملت المسؤولية لجهات تقف من وراء تنامي هذه الظاهرة، والتي أصبحت تتخذها مهنة أساسية بطريقة احتيالية (حسب قولها). وأضافت الحقاوي قائلة "إن وزارة الداخلية لها نصيب في تفشي هذه الظاهرة لكونها لا تتخذ الإجراءات الردعية في حق ممتهني هذه الظاهرة، والتي يعاقب عليها القانون بالسجن النافذ، مع تشديد العقوبة على مستغلي الأطفال الصغار" في كافة أنحاء البلاد.

 

 موريتانيا

   أصبحت ظاهرة التسول في موريتانيا  مهنة  تدر الربح الوفير على كل من يمتهنها بصفة مباشرة أو غير مباشرة.

وغالبا ما ترصد الدولة الموريتانية في ميزانيتها العامة مبالغًا هامة لصالح تمويل برامج مكافحة التسول، إلا أنها لم تفلح في القضاء على هذه الظاهرة التي يمقتها الموريتانيون ويرون فيها انتقاصا كبيرا لإنسانية الإنسان، لدرجة أن بعض القائمين على مراكز الإيواء إضطروا إلى غلق هذه الأخيرة بعد أن هجرها المتسولون وتوجهوا إلى الشارع.

حكم التسول

 التسول لا يجوز إلا في أحوال ثلاث قد بينها النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح وهو ما رواه مسلم في صحيحه عن قبيصة بن مخارق الهلالي  عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قالإن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش، ورجل أصابته فاقة فقال ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش ثم قال صلى الله عليه و سلم ما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكله صاحبه سحتًا.


فهذا الحديث: قد أوضح فيه النبي صلى الله عليه و سلم أنواع المسألة المباحة، وان ما سواها محرم، فمن كان عنده ما يسد حاجته من راتب وظيفة أو تجارة أو غلة وقف أو عقار أو كسب يدوي من نجارة أو حدادة أو زراعة أو نحو ذلك حرمت عليه المسألة.
أما من اضطر إليها فلا حرج عليه أن يسأل بقدر الحاجة، وهكذا من تحمل حمالة لإصلاح ذات البين أو النفقة على أهله وأولاده، فلا حرج عليه أن يسأل لسد الغرامة. والله ولي التوفيق

علاج ظاهرة التسول

أ‌-       قد عالج الإسلام هذه الظاهرة المسيئة بتحريم التسول، والحث على العمل والإنتاج، وجعل أفضل ما يأكل الرجل من كسب يده؛ لقول صلى الله عليه وسلم: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ) رواه البخاري.

ب-

- توعية المجتمع بمشكلة التسول عن طريق عرض برامج توعوية عن التسول ومضاره على المجتمع ومكافحته، عن طريق  وسائل الإعلام  ووسائل التواصل الإجتماعي.
- دعوة الأغنياء لدفع فريضة الزكاة والصدقة للتقليل من الفقر والحد من التسول.
- فرض القوانين و العقوبات الصارمة على جماعة المتسولين وكل من يقف خلفهم.
- تخصيص ميزانية خاصة  بالمحتاجين ودعم الجمعيات الخيرية بالمال والإعانات لتصبح ذات قدرة على مساعدة المحتاجين وكفهم عن السؤال والتسول.
-   توفير فرص عمل للمتسولين من قبل الحكومة أو الأعمال الخاصة أو تعليمهم حرفة معينة تجلب لهم المال.
- تأمين أنظمة رعاية شاملة من قبل الحكومة لكبار السن والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة كي لا يضطروا للجوء إلى التسول.
- توفير تسهيلات أكبر للتعليم، لأن انتشار التعليم يساهم في رفع مستوى المجتمع العلمي والثقافي والاجتماعي، فنادراً ما تجد إنساناً متعلماً يقبل على نفسه اللجوء للتسول.

 

ويعد غياب القوانين الصريحة بتجريم ظاهرة التسول في بعض البلدان العربية، السبب وراء زيادة عدد المتسولين، في الوقت الذي يستغل فيه المجرمين الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة للعيش تحت رحمتهم.

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع